قال الشافعي: (من استحسن فقد شَرَّع) ومن المعروف أن القول بالاستحسان مذهب الإمام أحمد، نرجو التوضيح ؟

136 مشاهدة

نص السؤال

قال الشافعي: (من استحسن فقد شَرَّع) ومن المعروف أن القول بالاستحسان مذهب الإمام أحمد، نرجو التوضيح ؟

نص الفتوى

الاستحسان هو: من الأدلة التي اختلف فيها أهل الأصول، اختلف فيها أهل الأصول في حُجية الاستحسان فمنهم من نحى أن الاستحسان ليس بحجة وهو مذهب الشافعي رحمه الله، ومذهب طائفة من الفقهاء من الظاهرية والحنفية. والاستحسان اختلف في تعريفه فقيل الاستحسان هو: ما ينقدح في ذهن المجتهد لا يستطيع التعبير عنه، وقيل في تعريفه هو: أي الاستحسان ما يستحسنه المجتهد بعقله، وهو بهاذين التعريفين مردود، وعُرِّف الاستحسان بأنه: ترك القياس الجلي إلى القياس الخفي ؛ لأن في القياس الخفي معنىً لا يوجد في يعني: تقديم قياسٍ خفي على الجلي لمعنىً وجد في الخفي ليس موجوداً في الجلي. وقيل في تعريفه هو : تقديم القياس الجلي على القياس الخفي، وقيل هو: تقديم أقوى الدليلين على الآخر. والاستحسان بهذه التعاريف ليس مختلفاً فيه بل ما زال الأئمة يقدمون دليلاً على دليل، والذي يقدمونه يرونه أرجح من الذي لا يقدمونه. فتقديم دليلٍ على دليل لكون هذا المُقَدَّم أقوى من الدليل الذي تُرِك، ترك دليلٍ لدليل لكون ذلك المتروك أضعف من ذلك الدليل الذي قُدِّم هذا ما زال معمولاً به عند أهل العلم من غير نكير، ولذلك قال بعض المتأخرين: ليس هنالك إحسانٌ مختلفٌ فيه،إما أنه مجمعٌ على رده كالاستحسان الذي يستحسنه المجتهد بعقله أو ما ينقدح في ذهن المجتهد لا يستطيع التعبير عنه فهذا مجمعٌ على رده، وتقديم دليلٍ على دليل كان يُقَدَّم قياس خفي على جلي لمعنىً في الخفي ليس موجوداً في الجلي أو تقديم القياس الجلي على القياس الخفي أو مخالفة المسألة لنظائرها لدليل كل هذه التعريفات تعريفات للاستحسان وهي مما اتفق العلماء على قبولها تقديم دليلٍ على دليل ما زال معمولاً به بين مجتهدين، وبناءً على ذلك فقول الشافعي من استحسن فقد شرع ليتنزل على القياس الذي اتفق الناس على رده وهو ما ينقدح في نفس المجتهد أو في ذهن المجتهد بما لا يستطيع التعبير عنه، وما لا يمكن أن يعبر عنه المجتهد لا يمكن يحكم له بالقبول حتى يفصح عنه فإن كان موافقاً للصواب قبل وإلا رده. أما اعتماده كدليل، والمجتهد لا يستطيع أن يفصح عنه إنما هو أمرٌ قدح في ذهنه فهذا لا يحكم له بالقبول ولا يقال أنه من الحجج التي يستدل بها على إثبات الأحكام فيكون كلام الشافعي المروي عنه وقد تواتر عنه محمولٌ على الاستحسان الذي هو بهذا المعنى المردود، وأما الاستحسان بمعنى تقديم دليل على دليل أو تقديم قياس على قياس أو العدول بالمسألة عن حكم نظائرها لدليلٍ أوجب ذلك أو لمعنىً أوجب ذلك على اختلاف عبارتهم فهذا ما زال الإمام الشافعي يحتج به وفي كلامه في كتاب الأم وفي كلام أصحابه ما يشهد لاحتجاجه بالاستحسان بالمعنى المقبول لا بالمعنى المردود فيتنزل كلام الشافعي على المعنى المردود وهو: ما يستحسنه المجتهد بعقله فإن العقل لا مدخل له في إثبات الأحكام الشرعية، وكذلك على التعريف الثاني وهو أمرٌ ينقدح في ذهن المجتهد لا يستطيع التعبير عنه، فيكون كلام الإمام الشافعي محمولاً على هذا المعنى ؛ لأنه وُجِد في كلام الإمام الشافعي الاحتجاج بالاستحسان، وأما الاستحسان الذي جعله من التشريع ورده محمولٌ على الاستحسان بالمعنى الذي أشرنا إليه، وهو مذهب الإمام أحمد، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله. فالاستحسان مما اتفق عليه العلماء وذكروه في كتبهم وله أمثلة من الفروع التي بنوا عليها ذلك.   👇🏻رابط الفتوى باليوتيوب👇🏻 https://youtu.be/uM1Zf6fuYrE